Tuesday, February 22, 2005

عند المكتبة

كنت قد عبرت باب الكلية بقليل عندما رأيتها، أحسست وقتها أن إنفعالي الداخلي تسبب في إزدياد خطواتي سرعة وجدية محاولا الظهور بمظهر الواثق وإن كنت قد أحسست بظهور ذلك الإنفعال على قسمات وجهي، تعمدت أن أجعلها تراني عند عبوري ذلك الممر الواقع أسفل مكتب العميد والمطل على ساحة الكلية الأمامية، فكرت فيما لو أمها لم تنتبه لرؤياي ولكني تخطيت ذلك الهاجس عندما جائني صوتها المتشبع عذوبة:
- حمدا لله على السلامة يا باشمهندس
إبتسمت إبتسامة غير مفتعلة عند سماعي جملتها ذات الطابع المرح وتحولت بوجهي إليها فبل أن أستدير بجسدي متجها إلى مكان وقوفها.
لم أكن قد رأيتها منذ تخرجي في العام قبل الماضي، حتى أني لم أرها عندما أتيت منذ عدة شهور لمفابلة بعض أساتذتي السابقين بسبب أعمال إعتزمت القيام بها معهم، كانت الإبتسامة المرسومة على وجهها عندما صافحتها أشبه بضوء لمكان ما في الذاكرة كان قد بدأ نوره في الأفول.
- عاملة إيه
- أنا زي الفل، تقدر تقول كده مش ناقصني غير رؤيتك
- أديني مش حارمك من حاجة، انتي فاضية وللا وراكي محاضرة؟
- ولو ورايا، هو أنا هاشوفك كل يوم، ماتيجي نقعد عند المكتبة
يا الله، هل ما تزال تذكر وقع تلك الجلسة في نفوسنا أم أن إنفعالي لرؤيتها قد حمّل إقتراحها ما لم تقصده.
لم أرفع عيني عن وجهها أثناء سيرنا ف أروقة الكلية، هاهو حديثنا لم يفقد مرحه المعتاد بعد، إكتشفت أن إحساسي بالغيرة من شعورها الدائم بالسعادة لم يفارقني بعد، بل وربما أضيف إليه إحساسا آخر بالندم عم إبتعادي عنها خلال الفترة المتضية وقصر علاقتي بها على الرسائل التليفونية في المناسبات، لا تزال تحتفظ ذلك الحد الأدنى من الزينة التي تناسب ملامح وجهها البريء، أري رمزا آخر يشير لعدم تأثير الوقت في بساطتها المطلقة.
مر من الوقت ما يقرب من الساعتين كانتا بمثابة إسترجاع للحظات كنت قد إفتقدتها منذ إبتعادي عن جلستنا تلك، لم يقطع حديثنا إلا مرور صديقي الذي كنت قد نسيت -أو قل تناسيت- ميعادي معه.
-إيه يابني، انت قاعد هنا وسايبني مستنيك في الكافيتيريا
- حاضر، ثواني وجاي لك
قمت بوداعها على وعد مني بالحضور لمقابلتها في "ميعاد مخصوص" على حد تعبيرها.سرت مع صديقي ناظرا إلى نقطة ما في السماء محتفظا بهدوئي على غير عادتي إلى أن قاطعني صوته:
-إيه، لسه عقلك بيزقزق
نظرت إليه رافعا حاجبي في إستنكار:
-وله، أقعد ساكت ياله
ها هي نفس الأبيات تعود إلى أذني مرة أخرى
لو قلبي عاد ضميه
إديه حنان وداديه

0 Comments:

Post a Comment

<< Home